: خطيب المسجد الحرام يوضح الغاية العظمى من خلقنا إنسا وجنا belbalady.net

البلد نيوز 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

قال الشيخ الدكتور فيصل بن جميل غزاوي، إمام وخطيب المسجد الحرام ، إن  رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ قد بَيَّنَ الغَايَةَ العظمى والهَدَفَ الأسمى الذي من أجله خُلِقْنا، فقال جل شأنه: ﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون﴾.

الغاية العظمى من خلقنا

وأوضح "غزاوي" خلال خطبة الجمعة الأخيرة من شوال اليوم من المسجد الحرام بمكة المكرمة ، أن عبادة الله تعالى تتضمن كمالَ المحبةِ والإجلالِ له تعالى مع كمالِ الذُّلِّ والخُضوع، فمتى أحبَّ العبدُ ربَّه ولم يخضع له فليس بعابد، ومتى خضع له بلا محبة فليس بعابد كذلك.

وأكد أنه لابد من أن يكون العبد محبًا خاضعًا لله حتى يصدُقَ عليه وصفُ العابد ويجب على المؤمن أن ينقاد انقيادًا تامًا لأمر الله تعالى ليُحقق العبوديةَ الكاملةَ قال سبحانه: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا مُبِينًا﴾.

واستشهد بما ورد عن زيد بن أسلم قال: وكان ابن عمر يحدّث أن النبي -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- رآه وعليه إزار يتقعقعُ فقال من هذا؟ فقلت: أنا عبدُالله، فقال: إن كنت عبدالله فارفع إزارك قال: فرفعته.. الحديث.

وأضاف أنه قد حث النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عبدَاللهِ بنَ عمرَ بمُقْتَضى العُبوديةِ المَشْمولةِ في اسْمِهِ أنْ يَمْتَثِلَ لأوامِرِ ونَواهي اللهِ عزَّ وجلَّ، ومنها: جعْلُ الإزارِ فوقَ الكَعْبَين، فامتثل وأجاب رضي الله عنه وأرضاه كما يجب أن تكون حياةُ المؤمن كلُّها لله تعالى.

تشمل شؤونَ الإنسان

ودلل بما قال سبحانه: ﴿قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَاي وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ ، منوهًا بأن العبادةِ تشمل شؤونَ الإنسان كلَّها وتستوعبُ حياتَه جميعاً ولا تكونُ إلا بالتزام شرعِ الله أمراً ونهياً وتحليلاً وتحريماً.

ونبه إلى أن عبدُ الله مَن يُرضيه ما يُرضي الله، ويُسخطه ما يُسخط الله، ويحب ما أحب الله ورسوله، ويبغض ما أبغضه الله ورسوله، ويوالي من والى الله ورسوله ويُعادي من عادى الله ورسوله.

وأشار إلى أن العبادة لاتسقط عن أحد من العبيد في دار التكليف مهما بلغت منزلته،  وأما قوله تعالى: ﴿واعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ﴾ فالمراد به الموت بإجماع المفسرين، وهو المعنى الذي في قوله تعالى: ﴿حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ﴾ .

وتابع: وهذا أشرفُ الخلق وأكملُهم عبوديةً، ظل يعبد ربه حتى وافته المنية، وخرج على الصحابة في مرض موته وهم يصلون فصلى بهم صلى الله عليه وسلم، مشيرًا إلى أن العبودية لله عِزٌّ وشرف يستحقه كلُّ من أتى بها على وجه التمام والكمال.

الوصف بالعبودية

وأفاد بأنه ليس شيء أشرف ولا أتمّ للمؤمن من الوصف بالعبودية فقد وصف الله بها نبيه -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- فِي أَشْرَفِ أَحْوَالِهِ، وَهِيَ لَيْلَةُ الْإِسْرَاءِ، فَقَالَ: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا﴾.

ونوه بأن الأصفياء الأخيار من عباد الله لا يَأْنَفُونَ ولا يترفعون أَنْ يَكُونُوا عَبِيدًا له تعالى، بل عبوديتهم لربهم أقْصى مَراتِبِ الشَّرَفِ ﴿لَّن یَسۡتَنكِفَ ٱلۡمَسِیحُ أَن یَكُونَ عَبۡدࣰا لِّلَّهِ وَلَا ٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةُ ٱلۡمُقَرَّبُونَ وَمَن یَسۡتَنكِفۡ عَنۡ عِبَادَتِهِ وَیَسۡتَكۡبِرۡ فَسَیَحۡشُرُهُمۡ إِلَیۡهِ جَمِیعࣰا﴾.

ولفت إلى أنه َقَدْ ذَمَّ اللهُ الْمُسْتَكْبِرِينَ عَنْ عِبَادَتِهِ فَقَال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾ وكلُّ من استكبر عَنْ عِبَادَةِ اللهِ فلَا بُدَّ أَنْ يَخْضَعَ وَيَذِلَّ لِغَيْرِهِ. وَهَذَا أَمْرٌ مُلَاحَظٌ، كَيْفَ ذَلَّ عِبَادٌ لِعِبَادٍ مثلِهم وَأَنْزَلُوهُمْ مَنْزِلَةَ رَبِّ الْعِبَادِ، وَكَانَتِ النَّتِيجَةُ أن وقعوا في الرق والعبودية لهم.

وبين أنه شتان بين حياة الإنسان عابدًا لله وعابدًا لغيره: ﴿أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًّا عَلَىٰ وَجْهِهِ أَهْدَىٰ أَمَّن يَمْشِي سَوِيًّا عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾، فمن الناس من يعبد هواه، كما قال تعالى: ﴿أَفَرَأَيْتَ مَنْ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ﴾ .

أعظم في قلبه

واستطرد: فهذا العبد الذي يأتمر بأمر هواه فما رآه حسنًا فعله وما رآه قبيحًا تركه، فهو مطيع لهوى نفسِه يتبع ما تَدعُو إليه، فكأنه يعبده كما يعبدُ الرجلُ إلهَه، ومن الناس من تعلق قلبه بالدنيا ومتاعِها الفاني، فالدنيا أعظم في قلبه من الدين، أصبحت الدنيا أكبرَ همه، ومبلغَ علمه، فإن أُعْطِيَ منها رَضِيَ، وإن لم يُعْطَ منها سخط، يُوالي ويُعادي من أجلها .

ودلل بما قال صلى الله عليه وسلم: (تعِس عبدُ الدينارِ، تعِس عبدُ الدرهمِ، تعس عبدُ الخميصةِ، تعس عبدُ الخميلةِ، تعِس وانتكَس وإذا شيكَ فلا انتقشَ)، وهذه أمثلة ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم، وهكذا كل من تعلق قلبه بشيء غيرِ الله من أهواء نفسه، فهو عبدُ ما يهواه، رقيق له؛ إذ الرق والعبودية في الحقيقة هو رق القلب وعبوديته.

وأوضح أن حقيقة العبودية تستلزم أن يشعر الإنسان بالعبودية والرق لله عز وجل، وهذا الشعور معناه التحرر من عبادة المخلوق، وإن من المُهِمَّات المُتَحَتِّمَات أن يلتزم المرء عبودية ربه من الذل والخضوع والإنابة، وامتثال أمر خالقه، واجتناب نهيه، ودوام الافتقار إليه، واللجأ إليه، والاستعانة به، والتوكل عليه، وعِياذ العبد به، ولِياذه به.

وواصل:  وأن لا يتعلق قلبه بغيره محبة وخوفًا ورجاءً، ولنعلم أن من غفل عن هذه المهمة في حياته فقد غفل عن كل شيء. وأن أعظم الناس ضلالًا وخسارًا مَن تعلّق قلبه بغير الله تعالى والعبودية الحقة هي عبودية القلب .

ونبه إلى أن مِنَ الْعُبُودِيَّةِ لِلَّهِ أَنْ يُحْسِنَ الْعَبْدُ الظَّنَّ بِاللهِ وَيَثِقَ بِأَقْدَارِهِ، وَأَنْ يَأْمَلَ فِي رَحْمَتهِ وَأَلْطَافِهِ، وكلما قوي طمعُ العبد في فضل الله ورحمته ورجائه لقضاء حاجته ودفع ضَرُورَتِه قَوِيت عبوديتُه له، وحُرِّيَّتُه مِمَّا سِواه و إن من الأحوال التي تتجلى فيها لدى العبد حقيقةُ عبوديته لربه ودلائلُ صدق إيمانه ما يبتليه الله به من المصائب والابتلاءات .
 

إخلاء مسؤولية إن موقع بالبلدي يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
"جميع الحقوق محفوظة لأصحابها"

المصدر :" البلد نيوز "

أخبار ذات صلة

0 تعليق

محطة التقنية مصر التقنية دليل بالبلدي اضف موقعك
close
  • adblock تم الكشف عن مانع الإعلانات

الإعلانات تساعدنا في تمويل موقعنا، فالمرجو تعطيل مانع الإعلانات وساعدنا في تقديم محتوى حصري لك. شكرًا لك على الدعم ??