كتب
صبحى مجاهد
مع حلول ذكرى 30 يونيو كانت هناك العديد من المواقف التى تمثل تماسكًا وطنيًا من أهمها موقف الأزهر الشريف وفضيلة الإمام الأكبر د. أحمد الطيب شيخ الأزهر والتى دعمت نجاح الإرادة الشعبية.
ولعب الأزهر دورًا بارزًا ومهمًا فى ثورة 30 يونيو ووقف بجوار الوطن من أجل تحقيق الاستقرار والوقوف فى وجه دعوات تمزيق البلاد، والنيل منه لصالح أعداء هذا البلد، وتمثل الدعم الأزهرى لثورة 30 يونيو فى صورته الأولى بحضور رأس المؤسسة الأزهرية د.أحمد الطيب شيخ الأزهر فى خطاب 3 يوليو، حيث أعلن الأزهر انحيازه لإرادة ملايين المصريين، امتثالًا لمقاصد الشريعة الإسلامية، التى حرصت بدورها على حماية الأوطان ومؤسساتها، وحرية الرأى والتعبير، بتنبى الطرق السلمية، والوقوف بقوة فى وجه العنف والإرهاب.
لم يقتصر الدور الوطنى للأزهر الشريف وفضيلة الإمام الأكبر، على دعم بيان 3 يوليو والإعلان عن دعم الثورة؛ حيث كان له دور فى نشر التوعية بأهمية التماسك الوطنى، وتابع لحظة بلحظة ما كان يحدث بالشارع المصرى خلال فترة الثورة، بالعمل وبقوة على الرد على كل الفتاوى الشاذة التى تبيح إهدار دماء أبناء الوطن، أو استهداف مؤسساته، ببيان الموقف الصحيح للشرع من تلك الأقوال الفاسدة.
وبسبب موقف الأزهر نال هجومًا شديدًا من قبل جماعة الإخوان، وبعض رموزها وعلى رأسهم يوسف القرضاوى الذى هاجم شيخ الأزهر والمؤسسة الأزهرية بشدة متهمًا إياها بمخالفة شرع الله، إلا أن رد الأزهر جاء سريعًا، بأن موقفه نابع من الثوابت الوطنية التى أمرت بها الشريعة وقال البيان وقتها: «إنه لم يكن فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر ليتخلف عن دعوة دُعِى لها كل القوى الوطنية والرموز السياسية والدينية، وفى موقف وطنى يعد فيه التخلُّف خيانة للواجب المفروض بحكم المسئولية، وذلك استجابةً لصوت الشعب الذى عبر عن نفسه بهذه الصورة السلمية الحضارية، والتى لم تفترق عن الخامس والعشرين من يناير فى شيء».
ثبات الموقف
فيما أكد د.أحمد الطيب شيخ الأزهر فى لقائه برؤساء تحرير الصحف القومية والخاصة عقب ثورة 30 يونيو، أن الأزهر لو لم يساند ثورة 30 يونيو لكان فى قائمة الخزى والعار، وشدد على أن الإخوان لم يخترقوا الأزهر ولا يوجد منصب قيادى واحد بالأزهر يشغله إخوانى، وأن الأزهر يقبل أى نقد ما دام الهدف منه دعم مؤسسة الأزهر وليس هدمه، إلا أنه من المحزن أن يتهم الأزهر بأن به إخوانًا يديرونه.
وشدد على أنه حذر الإخوان من المساس بقانون الأزهر وهدد بالاستقالة، حيث كانت هناك محاولات لتعيين قيادات بالأزهر ينتمون للإخوان كالمفتى ونواب رئيس جامعة الأزهر، فيما تعرض الأزهر عقب اتخاذه موقف الدعم للإرادة الشعبية لبيان 3 يوليو وحضور شيخ الأزهر إعلان البيان لمظاهرات إخوانية أدت إلى قيام دعاة تابعين لجماعة الإخوان بمحاصرة مشيخة الأزهر مرتين بناءً على دعوة نقابة الدعاة المهنية، وحاول دعاة الإخوان إقناع شيخ الأزهر بالعدول عن موقفه من دعم بيان 3 يوليو، وطالبوه بالحضور لميدان رابعة العدوية.
دكتوراه إخوانية
ورغم ما أعلنه شيخ الأزهر إلا أنه ظهرت محاولات من داخل المؤسسة الأزهرية لتأييد حكم الإخوان ومهاجمة الثورة كان أبرزها قيام أحد الباحثين بكلية الدعوة الإسلامية فى رسالته للدكتوراه بوصف ثورة 30 يونيو بالانقلاب، وهو ما أوقفته جامعة الأزهر على الفور، حيث قرر د. توفيق نور الدين نائب رئيس جامعة الأزهر للدراسات العليا والبحوث بوقف منح رسالة العالمية (الدكتوراه) للباحث بسبب التوظيف السياسى للرسالة. مع إحالة الطالب والمشرفين إلى التحقيق، وهو ما تم اعتباره خطوة إيجابية جادة على طريق تصحيح المسار تستحق التقدير. لتكون الجامعة منارة علمية تدفع نحو التقدم والرقى من جهة ونشر السماحة والوسطية التى عرف بها الأزهر الشريف طوال تاريخه من جهة أخرى.
حائط صد
من جانبه يوضح الأستاذ الدكتور شوقى علام - مفتى الجمهورية السابق: «إن ثورة 30 يونيو كانت لإعادة الوضع الحقيقى المصرى على جميع المستويات، وعلى المستوى الدينى هو الخطاب الوسطى الذى يعتمده الأزهر الشريف وهو خطاب سهل يتحرك من خلاله المجتمع المصرى بسهولة ويسر ليس فيه إقصاء لأحد، وهى وسطية ورثناها عن النبى صلى الله عليه وآله وسلم».
وأضاف: إن دار الإفتاء رصدت من خلال الدراسات والرصد حقائق مهمة ولاحظنا فى السنة التى حكم فيها الإخوان أن الدولة المصرية كانت مقبلة بشكل يقينى على حرب أهلية، ما لم تقم ثورة 30 يونيو، فهى ثورة أنقذت الواقع المصرى وانتشلته من مستقبل ضبابى للغاية. وأوضح أنَّ جماعة الإخوان سعت بكل طاقتها إلى محاولة التمكين وأخونة مؤسسات الدولة، كعملية إحلال للمؤسسات الرسمية بكيانات بديلة، مع محاولة الضغط الشديد فى هذا الأمر؛ مما وضع البلاد فى أزمة كبيرة وشحن مجتمعى تولد فى هذا الوقت فى كثير من الملفات.
وأكد د.شوقى أن المؤسسة الدينية فى عهد الإخوان تعرضت لهجوم شديد ومناوشات كثيرة حيث تعرض الأزهر الشريف ودار الإفتاء إلى محاولات تغيير بشكل يفصح بالفعل بأن الخطاب الإخوانى دخيل يدعو إلى إقصاء الأزهر الشريف والمؤسسات الدينية الرسمية.
وأضاف: إن الإخوان أرادوا أن يغيروا المنهج الأزهرى لا بدافع التجديد، ولكن من أجل أفكار معينة تخدم مصالحهم السياسية على جميع المستويات وَفْق أجندة إخوانية لإعادة تدوير المنهج الأزهرى لخدمة مصالحهم، ولو استمروا لأكثر من هذه السنة لكان هناك تغير خطير فى المؤسسة الدينية فى مصر.
وأكَّد مفتى الجمهورية أن القيادة الأزهرية كانت واعية لهذه المخططات، وأن الأزهر الشريف كان حائط صد منيعًا أمام هذه الأجندة والضغوط، فواجهها بضراوة للحفاظ على المنهجية الأزهرية السليمة.
وقال فضيلة المفتى: «إن ثورة 30 يونيو ثورة مصرية خالصة ساندت فيها القوات المسلحة ومؤسسات الدولة، الشعب المصرى فكنا أمام حالة جديدة جدًّا من إعادة الوضع إلى الوضع الصحيح».
وأضاف أننا شهدنا بعد 30 يونيو كيف أن الدولة المصرية كانت دولة بناء على جميع المستويات المادية والمعنوية، حيث شهدت مصر تطورًا كبيرًا فى البنية التحتية بشهادة الجميع، وهو ما ظهر جليًّا فى تقدم مصر فى الترتيب الدولى فى تطور البنية التحتية، حيث بَنت مصر مدنًا جديدة وطورت من الطرق وقضت على العشوائيات وطورتها لتحقق حياة كريمة للإنسان المصرى البسيط.
وأوضح فضيلته أن دار الإفتاء المصرية تطورت بشكل كبير منذ ثورة 30 يونيو وحتى الآن من حيث البنية التحتية والكوادر التى تعمل فى الدار وإنشاء وحدات وإدارات نوعية مثل مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة عام 2014، والذى كان باكورة محاربة الفكر المتطرف ومواجهته من خلال رصد وتحليل هذه الأفكار والرد عليها بمنهجية علمية منضبطة.
وأوضح المفتى السابق أن ثورة 30 يونيو أعلت من مكانة فقه الدولة الذى يؤدى إلى العمران والتنمية، وهو فقه مؤصَّل منذ عهد النبى صلى الله عليه وآله وسلم، ويراعى مركزية الدولة والمؤسسية والأبعاد المجتمعية وتصرف المصلحة العامة، وهو ما ينعكس فى فتاوانا فى احترام القوانين والمؤسسية التى تصب فى صالح المجتمع بشكل إيجابى، ففقه الدولة يعين المجتمع على التقدم والرقى، وهو ما تحقق بعد 30 يونيو حيث حققنا فقه الدولة وابتعدنا عن الفقه الموجه والمسيس.
إخلاء مسؤولية إن موقع بالبلدي يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
"جميع الحقوق محفوظة لأصحابها"
المصدر :" روز اليوسف "
0 تعليق