لقد بدأت الحرب على أراضي غزة ولكن هل ستنتهي على تلك الأرض؟ لا يبدو الأمر كذلك، فالحرب كفتيل النار إن لم تجد من يطفئه فسيستمر في التهام كل ما أمامه، وقد ينتشر كالورم السرطاني في الجسد، فإسرائيل خلال العامين الماضيين دخلت في صراع مباشر مع سوريا ولبنان وإيران واليمن بدعم من الدول الغربية التي سارع زعماؤها بعد أحداث السابع من أكتوبر للإعراب عن دعمهم لحكومة نتنياهو لما أسموه بدفاع إسرائيل عن نفسها، وهذا الدعم بدأ يتآكل مؤخراً بسبب المجازر المؤلمة لضحايا الحرب، ولكن إسرائيل مستمرة في التوسع لأنها تعلم أن الاستنكار الغربي سيتآكل أيضاً مع الزمن.
وعندما أنظر إلى الحرب الروسية الأوكرانية أجد أن الأمر يبدو أيضاً وكأنه بلا نهاية، فالحرب دخلت عامها الرابع ولا تبدو أي نهاية لها قريباً، تتوارد الأخبار عن صفقة قريبة بين الطرفين سرعان ما ينكرها كلا الطرفين، هذه الحرب التي إن توسعت فقد تلتهم نيرانها دولاً أخرى مجاورة، وإن حدث ذلك فهو إعلان صريح بدخول العالم لحرب عالمية ثالثة ستختلف تقنياتها وأدواتها عن الحربين السابقتين الأولى والثانية.
يخطئ من يعتقد أن الحرب -وأي حرب- تدور رحاها بين طرفين فحسب، فقد تكون فعلاً في الواجهة بين طرفين ولكن من خلف الستار هناك أطراف أخرى تدفع كلا الطرفين لاستمرار الحرب، وقد تدفع متغيرات الحرب أطرافاً أخرى للدخول بشكل مباشر كما حدث في الحرب العالمية الثانية، عندما غزت ألمانيا بولندا، الأمر الذي رفضته كل من بريطانيا وفرنسا وأعلنتا الحرب على ألمانيا، ليستمر فتيل النار في الاشتعال حتى توسعت الحرب شرقاً وغرباً وخلّفت من القتلى ما يربو على خمسين مليون نسمة.
عندما أنظر إلى ما يجري في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع أتساءل إلى متى وإلى أين ستصل هذه الحرب؟ فالسودان بلد منهك اقتصادياً حتى قبل دخول الحرب، وتكاليف الحرب الباهظة تزيد الوضع الاقتصادي سوءاً وهو ما يدفع بنظرية أن هناك ممولين وأطرافاً أخرى تدفع في اتجاه استمرار الحرب، فمن الطبيعي أن تدعم الحكومات الحكومة الشرعية متمثلة في الجيش النظامي، لكن قوات الدعم السريع التي يتكوّن أفرادها من المرتزقة لا يمكنها أن تستمر لأكثر من سنتين دون دعم من أطراف تموّلها بالسلاح والمال.
أعود إلى السؤال الذي يطرح نفسه: إلى متى وإلى أين ستصل هذه الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع؟ ففي كل يوم تحصد الحرب حياة الكثير من الأبرياء، وهو ما دفع البعض من السكان إلى الهجرة خارج السودان، هل يعقل ذلك؟ والواقع العربي الذي نتج عما يسمى بثورات الربيع العربي، دفع الكثير من المواطنين السوريين والسودانيين ليحلوا ضيوفاً على بعض الدول العربية والغربية، في الوقت الذي كان فيه زعماء الحرب يتقاتلون على كل شبر من أراضي سوريا والسودان.
قبل أسابيع اندلعت مواجهات عسكرية بين الهند وباكستان الدولتين النوويتين، وهو ما دفع الكثير من زعماء العالم لاحتوائها قبل أن تتحوّل إلى صراع نووي، ولكن هل انتهت الحرب فعلاً؟ إن أي حرب -وحتى إن انتهت- تظل كالنار تحت الرماد سرعان ما تشتعل لأي سبب، فالحرب تنتهي عندما تُعالَج أسبابها تماماً وإلا فإنها ستظل مرشحة للانفجار في أي وقت، وعندما أنظر غرباً إلى ما جرى في الولايات المتحدة قبل فترة أجد أن أحداث لوس أنجلوس مرشحة للتوسع لولايات أخرى تعاني من الهجرة غير النظامية، فهل ستقف الصراعات أم أنها ستتوسع لتشمل مناطق أخرى، كل هذا يدفعنا للتساؤل: ما يجري في العالم حالياً إلى أين سيصل؟!.
أخبار ذات صلة
إخلاء مسؤولية إن موقع بالبلدي يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
"جميع الحقوق محفوظة لأصحابها"
المصدر :" جريدة عكاظ "
0 تعليق