في عالم لا يزال يُنظر إليه باعتباره حكرًا على الرجال، استطاعت كابتن شيرين محمد أن تُعيد رسم المشهد البحري، وتُثبت أن التميز لا يُقاس بالجندر بل بالإرادة، الكفاءة، والقدرة على القيادة.

ضابط ثان ملاحة بحرية، ومدربة، وقائدة، وسيدة أعمال. هي واحدة من أوائل النساء في مصر والعالم العربي اللاتي اقتحمن مجال الملاحة البحرية باحترافية واقتدار، لتصبح اليوم نموذجًا يُحتذى به في كسر الحواجز وتغيير الصورة النمطية عن المرأة في هذا القطاع الحيوي.

البداية من الصفر.. وخلق الفرص لا انتظارها

لم تكن رحلة كابتن شيرين مفروشة بالورود، بل كانت طريقًا مليئًا بالتحديات والضغوط الاجتماعية والمهنية. لكن بالإصرار والعزيمة، شقت طريقها بنفسها، وسرعان ما لمع اسمها وسط المحيط، لا كضابط فقط، بل كقائدة حقيقية تحمل رؤية ورسالة واضحة: إعداد كوادر بحرية مؤهلة ترتقي بالمجال البحري العربي إلى المعايير العالمية.

قيادة ومهارة.. بصمة في كل خطوة

تشغل كابتن شيرين اليوم منصب مديرة إحدى شركات الملاحة البحرية المصرية، كما ترأس مجلس إدارة الشركة اليونانية للتدريب والتأهيل والتوظيف البحري، والتي تُعد من الكيانات الرائدة في تدريب وتأهيل الشباب للعمل على السفن، فيما يُعرف بعملية "التطقيم البحري".

وقد نجحت، بخبرتها ومهارتها، في تدريب وتأهيل مئات من الطلبة، وتمكنت من تطبيق عمليات تطقيم احترافية لأكثر من 140 شخصًا من الكوادر البحرية على متن سفن دولية مختلفة، مقدّمة لهم تدريبًا بمعايير تواكب أحدث التطورات في علوم الملاحة والسلامة البحرية.

تأثير يتجاوز الحدود

لم يقتصر حضورها المهني على مصر فقط، بل أصبح اسمها معروفًا ومحل ثقة في عدة دول عربية مثل السعودية، الإمارات، تونس، والمغرب، حيث نسجت علاقات مهنية قوية، وأسّست لشراكات تسهم في تبادل الخبرات وتطوير الكفاءات البحرية العربية.

قدوة لكل فتاة عربية

اليوم، تُعد كابتن شيرين محمد رمزًا للتمكين النسائي المهني، ورسالة حيّة بأن المرأة قادرة على اقتحام أصعب المجالات والنجاح فيها إذا ما امتلكت الإيمان بنفسها، والرؤية الواضحة، والاستعداد لبذل الجهد.

في كل موجة واجهتها، وكل تحدٍ اجتازته، أثبتت كابتن شيرين أن البحر لا يفرّق بين رجل وامرأة، بل يقدّر من يتقن الإبحار بثقة وثبات.