: رفع العقوبات عن سوريا.. ما المقابل الذي تريده أميركا؟

yahoo 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

belbalady.net وسط زخم المتغيرات الإقليمية، تتقاطع خطوط السياسة الأميركية مع مستقبل سوريا، ولكن هذه المرة ليس من زاوية الصراع أو "تغيير النظام"، بل من بوابة "صفقة كبرى" يُراد لها أن تُتوج بسيناريو تطبيع تاريخي بين دمشق وتل أبيب.

قرار واشنطن برفع بعض العقوبات عن سوريا، وإشارات البيت الأبيض إلى دعم "الاستقرار السوري"، يعكسان تحولاً لافتًا في المقاربة الأميركية، تزامنًا مع كشف موقع أكسيوس عن استعداد إدارة ترامب للتوسط في اتفاق سلام سوري إسرائيلي.

لكن خلف هذا الحراك تقف شروط ثقيلة ومطالب صعبة التنفيذ، في مقدمتها التطبيع الكامل مع إسرائيل، والتعامل مع تنظيم داعش ومعتقليه، ومقابل ذلك، وعدٌ أميركي بإنهاء العزلة الاقتصادية، وتسهيل عودة سوريا إلى النظام المالي العالمي.

أميركا تلوح بالجزر

يشكل قرار واشنطن رفع بعض العقوبات المفروضة على سوريا منذ عام 2004، بداية تغير في المشهد السياسي، بعدما دعا البيت الأبيض رسميًا إلى "إعادة النظر في قانون قيصر"، و"منح دمشق فرصة للنجاح"، في ما بدا كإشارة مشروطة لا تنفصل عن الرغبة الأميركية في توسيع خارطة "الاتفاقيات الإبراهيمية" لتشمل سوريا.

"كل السوريين، أي 25 مليون مواطن، شعروا بفرحة عامرة"، هكذا وصف العميد تركي الحسن، الخبير العسكري والاستراتيجي، تأثير القرار في حديثه إلى برنامج "التاسعة" على سكاي نيوز عربية، مشيرا إلى أن السوريين "دفعوا أثمانًا باهظة بسبب العقوبات التي شلت الاقتصاد ومنعت حتى فتح حساب مصرفي داخلي".

لكن الحسن ذاته يُحذر من أن رفع العقوبات ليس هدفًا نهائيًا، بل ورقة تفاوض سياسي في يد إدارة ترامب، مشددًا على أن لا شيء يُمنح في السياسة الأميركية "بلا مقابل".

السلام المشروط.. الجولان خارج الطاولة أم أساس الطاولة؟

تصر إدارة ترامب على تضمين "التطبيع مع إسرائيل" في قائمة الشروط المطلوبة من دمشق، غير أن العقبة الكبرى تبقى في موقف القيادة السورية من ملف الجولان، إذ تصر دمشق على عدم التوقيع على أي اتفاق سلام "قبل انسحاب كامل من الأراضي التي استولت عليها إسرائيل"، بحسب مصادر مقربة من الرئيس السوري أحمد الشرع.

المعطى الجديد جاء بعد إعلان وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر أن "الجولان خارج أي نقاش"، في ما بدا كمحاولة استباقية لإغلاق ملف الجولان نهائيًا، وهو ما يعتبره السوريون "إلغاءً مسبقًا لأي فرصة لحوار جاد".

وفي هذا الشأن قال الحسن صراحة: "لن يقبل الشارع السوري بأي صفقة لا تُعيد كامل التراب المحتل.. كيف نقبل اليوم بأقل مما عُرض علينا في عهد حافظ الأسد؟".

دمشق.. هل تملك أوراق التفاوض؟

في التحليل السياسي، لا يمكن فصل أي عملية تفاوض عن توازن القوة على الأرض. العميد الحسن وصف واقع الجيش السوري الحالي بأنه "منهار"، مشيرا إلى أن إسرائيل "بإمكانها اليوم الدخول إلى دمشق دون مقاومة تذكر"، في ظل غياب أي انتشار عسكري فعال أو دفاعات جوية بعد سنوات من القصف الإسرائيلي الممنهج.

وأكد الحسن أن دمشق، ومحيطها (السويداء، درعا، القنيطرة)، باتت عمليًا "مناطق منزوعة السلاح"، لا يتواجد فيها إلا "مراكز أمنية رمزية"، ما يجعل الحديث عن توقيع اتفاق بحجم السلام مع إسرائيل، في ظل هذا الانكشاف العسكري، "مخاطرة سياسية وربما انتحار سياسي لأي قيادة في سوريا".

الملف الأمني

عودة الحديث الأميركي عن "ملف داعش"، وتحديدًا المعتقلين في سجون "قسد" ومعسكر الهول، يطرح تساؤلات حول أهداف واشنطن الحقيقية. فالأميركيون يطالبون دمشق بتحمّل المسؤولية، في وقت تؤكد القيادة السورية عدم امتلاكها "أي أدوات للسيطرة على هذه المناطق"، خاصة مع غياب القوات النظامية عن البادية الشرقية، حيث تتحرك مجموعات داعش بحرية.

الحسن يوضح: "داعش اليوم لا تسيطر على أرض، بل تتحرك كمجموعات صغيرة تهاجم وتنسحب.. ولا يمكن استئصالها إلا من خلال انتشار بري مدعوم جوا، وهو ما لا تملكه الحكومة الانتقالية حاليا".

المفارقة الأخطر أن "خلايا نائمة لداعش" قد تكون "تسربت داخل الفصائل المنضوية تحت الجيش الجديد"، ما يُنذر بخطر داخلي يُربك أية خطوات أمنية مستقبلية.

إسرائيل على خط التهدئة أم إدارة الشروط؟

التقارير التي تحدثت عن قنوات اتصال مباشرة وغير مباشرة بين سوريا وإسرائيل، تؤكد أن شيئًا ما يتحرك خلف الكواليس. إلا أن إسرائيل وفق العميد الحسن لا تبدو مستعدة لتقديم تنازلات جدية، خصوصا في ملف الجولان، ما يجعل التفاوض أشبه بعملية "إدارة اشتباك" أكثر منه مسعى نحو السلام.

وفي هذا السياق، تلعب واشنطن دور "الوسيط الضاغط"، حيث تسعى إدارة ترامب إلى تحقيق اختراق دبلوماسي قبل نهاية العام، ضمن استراتيجية أشمل لضبط النفوذ الإيراني، وفرض وقائع سياسية جديدة في سوريا ولبنان.

الدور العربي في إعادة تموضع سوريا

لا يمكن إغفال البعد العربي في هذا التحول. فالدعم العربي، قد يساهم في إعادة هيكلة الجيش السوري، وضمان استقرار مؤسسات الدولة، وهو ما ألمح إليه الحسن حين قال: "بعض الدول التي ستدعم المرحلة القادمة، يجب أن تساهم في إعداد الجيش تدريبا وتسليحا وعقيدة".

الحديث عن عودة الاستثمارات، وفتح النظام المالي العالمي أمام سوريا، مرتبط عضويا بهذا السياق، ما يفرض على دمشق الموازنة بين مطلب التطبيع، والحفاظ على الحد الأدنى من التماسك الداخلي، في بلد أنهكته الحرب والانقسامات والفراغات الأمنية.

صفقة تتكئ على هشيم

لا يمكن الحديث عن "صفقة سلام" دون النظر إلى واقع سوريا كدولة محطمة، وجيش فاقد للقدرة، واقتصاد يعيش على أنفاس الحصار. وربما هنا تكمن المفارقة الأكبر: هل يمكن لبلد في مثل هذا الوضع أن يذهب إلى اتفاق تاريخي لا يملك فيه أدوات تفاوض حقيقية؟.

ما تريده واشنطن هو "تطبيع سياسي" يخفف من عبء سوريا الجيوسياسي على إسرائيل، وما تريده دمشق هو "رفع العقوبات" بأي ثمن ممكن. لكن، بين الرغبتين، يقف الجولان كعقبة تاريخية وعاطفية وسياسية لا يمكن الالتفاف عليها.

الشارع السوري، مهما بلغت معاناته، لن يقبل باتفاق يقل عن طموحات الماضي. وإسرائيل، في المقابل، ترفض تقديم أي مقابل. وبهذا، تبدو الصفقة الكبرى، حتى الآن، مجرد مناورة سياسية تُجرب حدود الطرفين لا أكثر.

إخلاء مسؤولية إن موقع بالبلدي يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
"جميع الحقوق محفوظة لأصحابها"

المصدر :" yahoo "

أخبار ذات صلة

0 تعليق

محطة التقنية مصر التقنية دليل بالبلدي اضف موقعك
  • adblock تم الكشف عن مانع الإعلانات

الإعلانات تساعدنا في تمويل موقعنا، فالمرجو تعطيل مانع الإعلانات وساعدنا في تقديم محتوى حصري لك. شكرًا لك على الدعم ??