belbalady.net لم يكن النصف الأول من عام 2025 سهلاً على الأسواق العالمية، بل جاء محمّلاً بتقلبات حادة أعادت رسم خارطة الأصول من جديد، وسط توترات سياسية وقرارات مالية ونقدية أربكت التوقعات. ورغم أن الذهب والبلاتين خطفا الأضواء بأداء استثنائي، إلا أن مشهد الدولار والنفط والأسهم لم يكن أقل سخونة، مع تحولات هيكلية في شهية المستثمرين، وضغوط غير مسبوقة على عملات واقتصادات كبرى، وهو ما جعل من هذا الفصل المالي أحد أكثر الفصول ازدحاماً بالتبدلات منذ جائحة كورونا. أسواق الطاقة: النفط تحت ضغط التوازن المفقود في سوق الطاقة، أنهت أسعار النفط النصف الأول من 2025 على خسائر تقترب من 9 بالمئة، متأثرة بتلاشي المخاوف الجيوسياسية ومخاوف من حدوث فائض في المعروض العالمي. لكن التراجعات لم تكن متواصلة، إذ شهدت الأسعار موجات من الصعود والهبوط، فقد عادت الأسعار للارتفاع في يونيو مسجلة مكاسب شهرية لخام برنت بلغت نحو 6 بالمئة، لتقلص جزءاً من الخسائر السابقة. وتترقب السوق الآن نتائج اجتماع تحالف "أوبك بلس" بنهاية الأسبوع، وسط توقعات بزيادة الإنتاج للمرة الرابعة على التوالي، بحسب ما نقلته وكالة بلومبرغ. الدولار الأميركي: أسوأ نصف أول منذ السبعينيات أما الدولار الأميركي، فتلقى ما وصفه البعض بـ"الصفعة التاريخية"، مع تراجعه بنحو 11 بالمئة خلال الأشهر الستة الأولى من العام، في أكبر خسارة نصف سنوية منذ عام 1973. وجاءت هذه الخسارة مدفوعة بسياسات الرئيس دونالد ترامب التجارية وضغوطه العلنية على الاحتياطي الفيدرالي لخفض أسعار الفائدة، إلى جانب اتجاه صناديق تقاعد وبنوك مركزية حول العالم لإعادة تقييم تعرضها للأصول الأميركية. المعادن الثمينة: الذهب يتألق والبلاتين يسرق الأضواء في المقابل، شهدت أسعار الذهب أداء استثنائياً، حيث ارتفع المعدن الأصفر بأكثر من 25 بالمئة خلال النصف الأول، في أفضل أداء نصف سنوي له منذ عام 1979. واستفاد الذهب من حالة عدم اليقين التي فرضتها سياسات ترامب، ومن تراجع الدولار الأميركي، مما عزز من جاذبيته كملاذ آمن. لكن المفاجأة الكبرى كانت في سوق البلاتين، الذي تفوق على الذهب وقفز بأكثر من 47 بالمئة، محققاً أفضل أداء نصف سنوي في تاريخه. وزاد الطلب على البلاتين من قبل مصنعي المجوهرات في الصين، إلى جانب الاستخدام الصناعي المتنامي، لا سيما في قطاعي السيارات وخلايا وقود الهيدروجين. الأسهم العالمية: مكاسب حذرة على وقع التوترات رغم كل هذه التحولات، لم تكن أسواق الأسهم بعيدة عن موجة التقلبات، وإن كانت أقل وضوحاً في بعض المناطق. فقد سجلت المؤشرات الأميركية، مثل S&P 500 وناسداك، مستويات قياسية مدفوعة بمكاسب قطاع التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، في حين استفادت الأسواق الآسيوية من تحسن التوقعات التجارية وانتعاش الاقتصاد الصيني، لتصل بعض المؤشرات الإقليمية إلى أعلى مستوياتها منذ ثلاث سنوات. ومع ذلك، لا تزال مخاوف إعادة التسعير قائمة، في ظل الترقب الحذر لنتائج الربع الثاني، والغموض المحيط بسياسات الفيدرالي. نصف أول حافل... ونصف ثانٍ بلا ضمانات بانتهاء النصف الأول من 2025، تقف الأسواق على مفترق طرق جديد، فبين تحولات الفائدة، وخيارات السياسة التجارية في واشنطن، وأداء أوبك+، واتجاهات المستثمرين العالميين، تبدو الأشهر المقبلة مرشحة لمزيد من التحولات وربما المفاجآت. وإذا كان هذا النصف قد شهد إعادة تموضع في موازين الذهب والعملات والطاقة، فإن النصف الثاني قد يحمل فصلاً جديداً في قصة الأسواق العالمية، حيث لا مكان للثوابت، وكل الاحتمالات مفتوحة.