: الشرق الأوسط لا زال عصيا على نتنياهو

masr360 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نجحت إسرائيل في تحقيق جانب من أهدافها في إيران، وصمدت طهران في وجه آلة الحرب الإسرائيلية الأمريكية، ولم تنهر ووجهت ضربات قوية لمنشآت مدنية وعسكرية حيوية في تل أبيب وكثير من المدن العبرية.

ورغم التقريرين اللذين أصدرتهما الـ CNN، ونيويورك تايمز وشككا في تدمير أجهزة الطرد المركزية، إلا أن هناك مؤشرات قوية، تؤكد أن الضربات الأمريكية التي نفذتها الطائرة الشبح (B2) بإمكاناتها الكبيرة والصواريخ التي أطلقتها طمست، ودمرت جانبا رئيسيا من منشآت إيران النووية، وقضت في الوقت الحالي على إمكانية تطوير هذا المشروع وامتلاك القنبلة النووية، دون أن تقضي عليه بالكامل.

ومع ذلك، فقد أثبتت هذه الحرب، أن مشروع تدمير إيران قد فشل، وأن مشاريع تغيير النظم السياسية عبر القوة الخارجية المسلحة قد طويت، بعد كل التداعيات الكارثية للغزو الأمريكي للعراق في ٢٠٠٣، ومن هنا أصبح حديث نتنياهو عن إسقاط النظام الايراني وكلام ترامب عن استسلامها مجرد حديث مرسل لا علاقة له بالواقع.

والحقيقة، أن أهم ما أوضحته هذه الحرب أن مشاريع نتنياهو بخصوص الشرق الأوسط “العبري” لم تتحقق، وأن كل ما قاله عن تدمير إيران وانهيار نظامها السياسي والقضاء الكامل على مشروعها النووي ظل أقرب للأمنيات البعيدة عن الواقع.

صحيح أن إسرائيل أضعفت الجانب الأكبر من قدرات أذرع إيران، وخاصة حزب الله، كما أن أمريكا نجحت في حصار التنظيمات الموالية لإيران في العراق وتحييد تهديدها لأمريكا وإسرائيل، إلا أن هذا النجاح في تحجيم أذرع إيران لم يتحقق بنفس القدر مع إيران نفسها.

وقد تكون واحدة من نتائج هذه الحرب، أنها قد تدفع إيران لفتح ملف جدوى أذرعها المسلحة بعد أن واجهت العدوان الإسرائيلي بمفردها، ودون أي دعم منها، وبدا لافتا تمسكها بدعم فصائل مسلحة، سميت باسم المقاومة والممانعة في بلاد غير محتلة وذات سيادة.

تجارب المقاومة المسلحة في العالم كانت دائما في مواجهه احتلال أجنبي، وليس امتداد للحسابات الاستراتيجية لدولة من الدول، فمن المقاومة اللا عنفية على يد غاندي في الهند، مرورا بالمقاومة الشعبية والمسلحة في جنوب إفريقيا وانتهاء بحرب التحرير الشعبية في الجزائر، ظلت المقاومة حقا أصيلا للشعوب المحتلة، وحتى لبنان شهد مقاومة مسلحة لتحرير الجنوب من الاحتلال الإسرائيلي في عام ٢٠٠٠، ولعب فيها حزب الله دورا رئيسيا، كان محل توافق من مجمل اللبنانيين.

والحقيقة أن “حالة المقاومة” في مختلف التجارب ظلت مشروعة ومنتصرة رغم فارق القوى بين جيوش المحتلين وتنظيمات المقاومة، إلا أن الأساس الأخلاقي وقف دائما مع مقاومي الاحتلال، وجعل انتصارها شبه حتمي في كل تجارب المقاومة الوطنية في العالم.

ومن هنا فإن الأساس الوطني والأخلاقي والسياسي للمقاومة في فلسطين مشروع، حتى لو اختلفنا جزئيا أو كليا مع مشروع حماس؛ لأن هناك احتلال استيطاني جاثم على صدور الشعب الفلسطيني، أما الادعاء في بلد غير محتل مثل لبنان أو اليمن أو العراق أن هناك مشروعية لوجود تنظيمات مقاومة مسلحة، أمر لا يمكن قبوله ولا تخيله؛ لأن الموضوع يجب أن ينتقل من نقاش حول المقاومة إلى نقاش حول مدى مشروعية امتلاك فصيل مسلح لعتاد، وسلاح حربي خارج الدولة، ويفرض على كل اللبنانيين حربا مع إسرائيل لا يدعموها تحت حجة إنه فصيل مقاوم.

والمؤكد أن صمود إيران في هذه الحرب يرجع إلى كونها حربا “بالإصالة” عن إيران، وليس بالوكالة، وبالتالي أخرجت كل ما تمتلكه من قوة وصبر ومناورة، وأيضا قدرة على الردع، جعلت إسرائيل تحسم أمرها في وقت مبكر، بأن أوهامها عن “تدمير” إيران لم تحدث، وأن قدرتها هي وأمريكا على تصنيع نظام بديل للنظام الحالي كانت أيضا شبه معدومة رغم الاختراقات الاستخباراتية التي حققتها إسرائيل في بنية النظام ونخبته المدنية والعسكرية، وأدت إلى مقتل ١٧ عالما نوويا وأكثر من ٢٠ قائدا عسكريا.

هناك فرق بين اعتبار النظام الإيراني نظام يعاني من أزمات ومشاكل، وبين اعتباره نظاما هشا على شفا الانهيار، فهو بالتأكيد ينتمي للحالة الأولى فهو نظام يقيد نشاط المعارضة و”يهندس” المجال السياسي على مقاس منظومة المرشد، حتى لو عرفت في فترة سابقة نظاما سياسيا شهد تنافسا حقيقيا بين الإصلاحيين والمحافظين، قبل أن يسيطر الاتجاه المحافظ على مفاصل الدولة والحكم بدعم من المرشد عقب إنهاء تجربة الإصلاحي حسين مير موسوي في ٢٠٠٩ وخسارته انتخابات الرئاسة ووضعه تحت الإقامة الجبرية.

لقد أصبح منذ ذلك التاريخ التنافس بين محافظين مدعومين من المرشد وإصلاحيين يرضى عنهم المرشد، ولم تعد الانتخابات التي تجري في إيران إلا تنافسا داخليا بين أجنحة النظام، صحيح إنه أعطى لمنظومة الحكم قدرا من الحيوية والتجديد الداخلي، إلا أنها ظلت محكومة بالقواعد الصارمة التي وضعتها منظومة الحكم الديني المهيمنة على البلاد.

من الوارد، أن تتغير إيران من داخلها وليس من خارجها، ولن تستطيع أمريكا وإسرائيل، أن يصنعا فيها التغيير؛ لأن هناك “ديناميكية داخلية” قادرة على صناعة التغيير أو الإصلاح في إيران، حتى لو دعمته أطراف خارجية.

لم ينجح نتنياهو في تنفيذ معظم أفكاره حول الشرق الأوسط الجديد رغم كل الدمار والقتل الذي خلفه في غزة ولبنان واليمن وإيران، وبقيت ورقته الأخيرة والأهم، هي تنفيذ مخطط التهجير وتصفية القضية الفلسطينية، وهو مخطط لا زال موجودا رغم الصمود الفلسطيني والاعتراض العربي والدولي.

إخلاء مسؤولية إن موقع بالبلدي يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
"جميع الحقوق محفوظة لأصحابها"

المصدر :" masr360 "

أخبار ذات صلة

0 تعليق

محطة التقنية مصر التقنية دليل بالبلدي اضف موقعك
  • adblock تم الكشف عن مانع الإعلانات

الإعلانات تساعدنا في تمويل موقعنا، فالمرجو تعطيل مانع الإعلانات وساعدنا في تقديم محتوى حصري لك. شكرًا لك على الدعم ??