: سن الشباب .. نقطة تحول !!

almessa 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

إعـــلان

بقلم ✍️ أحمد رفاعي آدم

(أديب وروائي)

يُثبتُ الواقع بتجاربه المتنوعة حقيقة أن فترة الشباب تمثلُ نقطة تحول جوهرية في حياة الشاب أو الفتاة والأسرة وكل من يحيط بهم، وخير من يُخبرك بذلك هو المعلم الذي يتعامل مع هذه الفئة كل يوم، ويعيش معهم كل تفاصيل حياتهم وتحدياتهم ومشاكلهم وأحلامهم، لا سيما إذا كان قريباً منهم، محبباً إلى نفوسهم، حائزاً ثقتهم.

تبدأ مرحلة الشباب بتخطي مرحلة “بلوغ الحلم” أو “اكتمال النضج الجنسي”، ويحدث ذلك عند سن الخامسة عشرة أو قبلها بقليل، وتغطي مرحلة الشباب مدة عشر سنوات تقريبًا، فتنتهي في الخامسة والعشرين أو ما حولها. وتشهد بداية مرحلة الشباب عدة سمات من الضروري أن يعيها الآباء والأمهات والمربين ويلحظوا وجودها ويتعاملوا مع المراهق بناءً عليها، ويمكن أن نصنفها إلى سمات بدنية ونفسية واجتماعية.

فمن السمات البدنية اقتراب شكل الجسم ووظائفه من آخر درجات النضج، ويصحب ذلك اهتمام مفرط عند البعض في الذهاب إلى الجيم أو ممارسة الرياضات التي تقوي العضلات، ومن الناحية النفسية يكاد عمر الفرد العقلي يصل إلى قمته، ويتيقظ إحساس الشخص بأنه لم يعد صغيراً (وهذه نقطة غاية في الأهمية) ويطالب بتوقف معاملته على أنه صغير لا يعرف مصلحته، ومن الناحية الاجتماعية يتأكد اعتراف الآخرين بأن الشخص لم يعد طفلاً، وإن كانوا يترددون في الاعتراف به كرجل.

وما نودُّ أن نلفت إليه الأنظار هو أن في هذه الفترة الحرجة تكثر الصدامات وتتسع المسافة بين الشباب وذويهم، وفي كثير من الأحيان يزيد معدل المشاكل حتى ليكاد يشعر الآباء بأن الأمر يخرج عن السيطرة. ولذلك أسباب كثيرة؛ منها مثلاً عدم إدراك خطورة المرحلة التي بدأ الشاب أو الفتاة أن يخطو إليها. يخطئ كثير من الآباء والأمهات في التعامل مع أبنائهم المراهقين حين لا يدركون أنهم كبروا وصاروا شباباً لهم شخصياتهم وتقديرهم لذواتهم وإحساسهم بأن لهم كياناً واستقلالاً، فينغمسوا في محاولة السيطرة عليهم وفرض القيود لسبب ولغير سبب ودلق التعليمات بغير تحاور أو تشاور أو نقاش، ويتعاملون معهم على أنهم أطفال لا يعرفون مصلحتهم ولا يقدرون حجم المسئولية (رغم أن ذلك صحيح في كثير من الأحيان)، لكن طريقة معالجة ذلك تعقد المشكلة ولا تحلها.

سببٌ آخر لتعقد مرحلة الشباب وزيادة الصدامات الأسرية هو انشغال الآباء والأمهات وإغفال كثير من تفاصيل حياة أبنائهم ثم الظهور فقط لحظة المشكلة والتسرع في إصدار الأحكام دون روية أو فهم لأصل المشكلة أو حتى محاولة سماع وجهة النظر الأخرى فتتعقد الأمور ويكبر الخلاف ويتضخم ليصبح أزمة تضيع معها الثقة المتبادلة.
ومع تكرار المواقف وتعدد الخلافات -للأسف- يحدث الشقاق ولا يجد الشاب سبيلاً سوى الفرار والانطواء والانغلاق على نفسه أو اللجوء إلى شلة الأقران -بخيرهم وشرهم- ووضع كل الثقة فيهم وقد يصل الأمر حد تفضيل رأيهم على رأي الوالدين. والسبب هدم جسور التواصل وقطع قنوات الحوار، وذلك في نظري خطأ الكبار أكثر منه خطأ الصغار.

ومن أسباب كثرة المشكلات في هذه المرحلة الصعبة من العمر تعدد مصادر استقاء الشاب أو الفتاة للمعلومات والمبادئ والقناعات، فقديماً كانت مصادر تلك المعارف والتعاليم محدودة متمثلةً في الأسرة والمدرسة والجامع أو الكنيسة وكلها مصادر موثوقة، لكن الأمر اختلف كثيراً في زماننا فتعددت المصادر فشملت المعلوم والخفي والقريب والبعيد والموثوق فيه والخطير، وتنوعت هذه المصادر وكثرت حتى استحالت السيطرة عليها، فرأينا الشباب يستقي تعاليمه ومبادئه وقناعاته وثقافته من الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي وغالباً ما تكون المعلومات مغلوطة أو ناقصة، وأحياناً تكون صحيحة لكنها لا تناسب ثقافتنا ولا عاداتنا وتقاليدنا، فحدثت غربة الشباب واتسعت الهوة بين جيل الآباء والأبناء، وبات أفراد الأسرة الواحدة في جزر منعزلة وعزَّ التوافق وصعُبَ التفاهم والاقتناع.

لكل تلك الأسباب ولغيرها بالطبع، كثرت المشكلات الأسرية وحدثت الصدامات المزعجة بين الكبار والصغار وصرنا نرى ونسمع كثيراً أن جيل الشباب جيل صعب وأن التعامل معه مجهد ويحتاج إلى قدرات خاصة. لذلك رأيتُ من الضروري أن أكتب عن هذه المرحلة الدقيقة وفي هذه السلسلة من المقالات سأتناول – عن تجربة وخبرة وعلم، ومن واقع ما درسته تربوياً وعايشته أباً وشاهدته معلماً- عدداً من الحلول المقترحة الفعالة للمساهمة في حل مشكلات الشباب والمساعدة في تحسين أسلوب التعامل معهم، وتقليص الفجوة بين الآباء والأبناء، من أجل حمايتهم وتوجييهم ومعاونتهم على السير في طريق الحياة بخطًى ثابتة وقلوب مطمئنة ونفوسٍ ساكنة وشخصياتٍ سوية ناجحة.. والله المستعان.

إخلاء مسؤولية إن موقع بالبلدي يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
"جميع الحقوق محفوظة لأصحابها"

المصدر :" almessa "

أخبار ذات صلة

0 تعليق

محطة التقنية مصر التقنية دليل بالبلدي اضف موقعك
close
  • adblock تم الكشف عن مانع الإعلانات

الإعلانات تساعدنا في تمويل موقعنا، فالمرجو تعطيل مانع الإعلانات وساعدنا في تقديم محتوى حصري لك. شكرًا لك على الدعم ??