الشهامة والمروءة قيم حميدة مغروسة داخل شخصية المصريين منذ قديم الأزل، تتوارثها الأجيال على مر السنين، غير أن صراع "الخير والشر" و"الحميد والخبيث" دائم وأبدي، دارت آخر حلقات ذلك الصراع في المنوفية بين الشاب محمود البنا، الذي فقد حياته على يد أحد جيرانه " م. راجح" و2 آخرين، انتقاما منه لدفاعه عن فتاة كانوا يتحرشون بها.

"الوطن" تستعرض القصة الكاملة لمقتل البنا "ضحية الشهامة" فيما يلي:

بداية القصة تعود لحادث تحرش بفتاة وقع في مدينة تلا بالمنوفية، حينما تعمد راجح مضايقة إحدى الفتيات هناك، فتصدى له البنا بطريقة مهذبة، وبعدها كتب عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي منشورًا ينتقد فيه الأول على ما فعله تجاه الفتاة.

نار الانتقام اشتعلت داخل قلب راجح الذي توعد "البنا"، وعقدوا النية على الاعتداء عليه هو وزميليه، أول أمس، فحاول الفتى الهروب منهم قبل أن يلحقوا به ويسدد له راجح عدة طعنات أودت بحياته.

"بوست" على فيس بوك تسبب في قتل "البنا"

"معاكسة الفتيات ليست من الرجولة".. كانت تلك هي الجملة التي قتلت صاحبها الشاب محمود البنا، بعدما انتقم منه راجح وأصدقاءه.

محمود كتب المنشور السابق عبر حسابه بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، بعد معاكسة راجح المتهم الرئيسي، لفتاة في الشارع وتدخل الضحية للتصدي له، ما دفع المتهم للانتقام منه.

أبطال الواقعة هم 3 طلاب: "م. أ. راجح"، 18 عاما، طالب، و"م. م. م."، 17 عاما، و"إ. ع."، 17 عاما، طالب، اعتدوا على المجني عليه أثناء سيره في الطريق، بـ"مطواة" كانت بحوزتهم ما أدى إلى وفاته.

الجميع يشهد لمحمود بحسن الخلق

محمود البنا ابن الـ 18 عاما طالب بالصف الثاني الثانوي، يتمتع بسمعة طيبة، ومعروف عنه حسن الخلق بين جميع أبناء جيله.

اللحظات الأخيرة في حياة القتيل

جاء في التحريات وأقوال الشهود، أن المتهم محمد راجح استعان باثنين من أصدقائه وأحضر مطواة، وأثناء سير الضحية في الشارع، أسرع ناحيته وسدد له عدة طعنات وتركه ينزف وفر هاربا.

أسرع الأهالي لنقل محمود إلى المستشفى، إلا أنه لفظ أنفاسه الأخيرة قبل وصوله إلى مستشفى تلا، لتسود حالة من الغضب والحزن على شاب حسن السمعة ينتمي لأسرة كريمة، فارق الحياة على يد آخر اعتاد ممارسة البلطجة وحمل السلاح، كما أكد أصدقاؤه، أثناء مناقشتهم أمام رجال المباحث.

تشييع جثمان محمود البنا

وجرى تشيع جثمان الطالب إلى مثواه الأخير، الخميس، وسط حضور الآلاف من أهالي القرية، وأصدقاء الضحية.

والد قتيل المنوفية: كمية الدم كانت استحالة تقول إنه عايش

كشف محمد البنا، والد الشاب محمود، التفاصيل الكاملة حول مقتل نجله على يد 3 شباب بمركز تلا في محافظة المنوفية بعد معاتبته لأحدهما على مغازلة إحدى الفتيات في الشارع، حيث أوضح أنه في بادئ الأمر تلقى اتصالًا من زوجته تخبره بأن محمود تعرض لاعتداء وطعن بالبطن وتم نقله للمستشفى، مؤكدًا أنه توجه على الفور للمستشفى ولكن وجد نجله قد فارق الحياة.

وأضاف "البنا"، خلال مداخلة هاتفية في برنامج "يحدث في مصر"، الذي يُعرض على شاشة "MBC مصر"، مع الإعلامي شريف عامر: "كمية الدم كانت استحالة تقول إنه عايش، وقالوا في المستشفى إنه مات نتيجة طعنة نافذة بمطواة في البطن، والـ3 أشخاص اللي اعتدوا على ابني من عائلات ثرية، ومعروفين باختلاقهم للمشاكل".

وأشار إلى أنه كان هناك تربص من قبل الشباب بنجله بعد معاتبته لهم على تعديهم على فتاة والتحرش بها، مضيفًا: "ابني قالهم مش رجولة واعتبرها زي أختك، وابني معروف وسط أصحابه بالتربية والأخلاق، وأخلاقه الزائدة اللي عملت فينا كده، العيال رسموا الخطة على ابني وتربصوا به وهو رايح الدرس واعتدوا عليه".

وتابع: "أحدهم قيده والآخر بخ على وشه بخاخة، والثالث طعنه عدة طعنات، أودت بحياته، الشارع اللي إحنا فيه بيحصل فيه جرائم كثيرة، بس الكاميرات رصدت كل تفاصيل الجريمة".

القبض على المتهمين وشهود العيان: توجد علاقة عاطفية بين الجاني والفتاة

كانت وحدة مباحث مركز شرطة تلا بقيادة الرائد أحمد الشافعي رئيس المباحث، تمكنت من إلقاء القبض على المتهمين الثلاثة وقاموا بالإرشاد على المكان التي جرى وضع فيه أداة الجريمة "مطواة"، وجرى اتخاذ جميع الإجراءات القانونية اللازمة والعرض على النيابة.

كان مدير أمن المنوفية، اللواء محمد ناجي، تلقى إخطاراً بورود إشارة من مستشفى تلا المركزى بوصول «م. م. أ»، 18 عاما، طالب ثانوي، جثة هامدة، إثر إصابته بعدة طعنات في العنق والبطن.

وبسؤال شهود العيان، أكدوا أن الجاني يدعى "راجح" أوقف فتاة تربطه علاقة عاطفية بها في شارع "الشهيد جودة" في "تلا"، وأجبرها على تسليم هاتفها المحمول له، لوجود علاقة بينهما وشكه في تواصلها مع شخص آخر، ثم قام بضربها.

راجح قاتل يتصدر "تريند جوجل"

"راجح قاتل" تريند تصدر محركات البحث، اليوم، بعد يوم كامل من تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي، وانتشار صورة لشابين يبدو أنهما في أوائل العشرينيّات.

أهالي تلا يطالبون بحق محمود البنا بمسيرة وهاشتاج: راجح قاتل 

"النهارده في وقفة بعد صلاة الجمعة بتطالب بحق محمود البنا"، الجملة التي أجمع عليها أصدقائه أمس، ونفذوها وبمجرد الانتهاء من الصلاة، احتشد أهالي تلا في محافظة المنوفية تنديدا بحادث مقتل الطالب محمود البنا على يد زميله وأصدقائه، فتجمع أهله ومحبيه ومعهم الأهالي في مسيرة من مئات البشر.

ونظم الأهالي مسيرة حاشدة طالبوا فيها بحق محمود البنا، نشرت صفحة "راجح قاتل" عبر موقع التواصل الاجتماعي جانبا منها.

وردد الأهالي هتافات تطالب بالقصاص لمحمود البنا: "بالدم بالروح حقه مش هيروح"، "مش هيعدي مش هيفوت زي ما هو قاتل يموت".

وكتب بعض أهالي المدينة هاشتاج (#راجح_قاتل) على حوائط مدينة تلا في المنوفية.

أهالي يواسون أسرة البنا.. حقيقة مزاعم الجزيرة بالتظاهر في المنوفية 

كشفت الأجهزة الأمنية، حقيقة مزاعم صفحة "الجزيرة - مصر" بشأن وجود مظاهرات في مدينة تلا بالمنوفية، أمس الجمعة.

وذكر مصدر أمني، أن عددًا من الأهالي توجهوا إلى منزل الطالب الضحية، محمود البنا، لتقديم واجب العزاء والمواساة والإعراب عن حزنهم الشديد بشأن الواقعة.

صديق محمود البنا يحكي عن "12 سنة على دكة واحدة"

"كنت فاكره بيهزر وعايزني أروح له عشان بقالي فترة مرحتلوش"، هكذا استقبل مصطفى صديق عمر محمود البنا نبأ وفاته حين حدثه أحد أصدقائه ليخبره بخبر موت صديق عمره، الذي لم يفارقه سوى عند اختيارهم شعبتين مختلفتين في مرحلة الثانوية العامة، فالتحق مصطفى بالشعبة الأدبية ومحمود بشعبة علمي علوم.

وفاة محمود البنا إثر طعنة على يد زميله واثنان من أصدقائه، خبر وقع على أسماع صديقه كالصاعقة: "كان في بينا حاجات محدش يعرفها، أسرار كتير كان بيحب يتكلم معايا، وكنا بننصح بعض كان أكتر من أخويا.. محمود كان صاحبي من 12 سنة".

محافظ المنوفية يقبل يد والدي محمود البنا: لو حق ابنكم مجاش أنا هقعد في البيت 

وزار اللواء سعيد عباس محافظ المنوفية، مساء أمس، أسرة طالب الثانوي المتوفي بمدينة تلا، محمود محمد البنا، وقدم واجب العزاء لأهل المتوفي وقبّل أيدي الأبوين والجدة، مشددا أن القانون سيتم تنفيذه بكل حسم وحزم، قائلا: "لو المجرم أفلت من العقوبة هروح أقعد في البيت".

وأكد محافظ المنوفية لـ "الوطن"، أنه لا يوجد أحد فوق القانون، وأن القانون يتم تطبيقه على الجميع، مطالبا الأهالي بالهدوء، مؤكدا أنه تواصل مع المحامي العام لنيابات المنوفية، لتحقيق العدالة الناجزة.

وشدد أن أهل القتيل كان يجب عليهم التواصل معه للتدخل وتنفيذ الإجراءات في أسرع وقت، مؤكدا أن المباحث ألقت القبض على المتهمين الثلاثة في وقت قياسي، وهو ما يؤكد حرص الدولة على تطبيق القانون بكل حسم وحزم.

وأشار إلى أنه طالب نقيب المحامين بمحافظة المنوفية بتكليف أكبر المحامين بالمحافظة، للدفاع عن حقوق الطالب المتوفى محمود البنا أمام القضاء، علي أن يتحمل المحافظ النفقات المالية للمحامي.